الفكرة في التوسع الترادفي

الفكرة في التوسع الترادفي
 (دراسة وصفية تحليلية عن الترادف اللغوي)
Ma’rifatul Munjiah

In semantic field, there are two kinds of discusion. They are macro semantic and micro semantic. One of micro semantic discussed is taraduf. Taraduf is debatable among linguists. Some of them confess the existence of taraduf  whileothers refure it. Linguists who confess the existence of taraduf claim that there are two different words or more which have the same meaning. Whereas, linguists who refuse the existence of taraduf state that it is impossible if there are two different words or more which have the same meaning.

مقدمة
           الترادف في اللغة عامل هام من عوامل التوسع اللغوي، وهو من باب التوسع في المعنى يعني اتساع اللفظ بالنسبة للمعنى. وكان الترادف يدخل تحت مجال علم الدلالة، وهو علم يدرس عن المعني من النواحي الدلالية.
 وينقسم علم الدلالة إلى قسمين رئيسين : (حيدر:1999)
1-      علم الدلالة المصغر Micro Semantic ، البناء الدلالى للكلمات المفردة
2-      علم الدلالة الموسع Macro Semantic ، دراسة العلاقات الدلالية بين الكلمات.    
سيكون الاهتمام في هذا البحث بالقسم الثانى ، ونشير بداية إلى أن مفردات اللغة تنقسم من حيث دلالتها على المعنى إلى ثلاثة أقسام. الأول : يدل اللفظ الواحد على المعنى الواحد monosemy  وهذا هو الأصل. يسمى الشيئان المختلفان بالاسمين المختلفين أو كما عبر ابن فارس ، كرجل وفرس. والثانى : يدل اللفظ الواحد على أكثر المعنى ويسمى بالمشترك اللفظ homonymy ، كما في الكلمتين الانكليزيتين: see التي تعني بالعربية (يرى) وsea التي تعني بالبحر ، وكذلك الكلمتين flour التي تعني بالدقيق أو لب القمح وكلمة flower التي تعني بالزهرة، وسماها ابن فارس الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد ، و مثل الآخر لفظ (العين) على خمسة معان : عضو الإبصار وعلى نبع الماء والجاسوس والمطر الكثير. ويدخل فيه الأضداد Antonymy . والثالث : يدل اللفظان أو أكثر على معنى واحد ويسمى بالترادف Synonymy. أو يسمى الشيئ الواحد بالأسماء المختلفة كما عبر ابن فارس، نحو السيف والمهنّد والحسام.
ويركز هذا البحث بأثر التوسع الترادفي باعتباره من عوامل التوسع اللغوي التي تؤثر على تطور اللغة ونموها.  وأصبح هذا البحث مهما نظرا إلى اختلافات الآراء حول وجود الترادف، حجج المنكرين والمثبتين للترادف، وأسباب وقوع الترادف وفوائده، وبجانب آخر موقفه في الكلمات في الآيات القرآنية.
1-          تعريف الترادف
كان الخلاف بين علماء اللغة في فكرة الترادف بدأ في أواخر القرن الثالث الهجري حيث يلتمس بعض علماء اللغة فروقا بين الكلمات التي عدها من سبقوهم من المترادفات، ثم جاء القرن الرابع الهجري ونشب الجدل بين علمائه (عبد الحليم:1989).
وكثر بعد هذا العصر أنصار الترادف وإن مال بعضهم إلى الاعتدال في حصر الكلمات المترادفة كالإمام الرازي كان يرى وجوب تقييد الترادف بعدم التباين في المعنى مثل كلمة "السيف والصارم"، لأن في الثانية زيادة في المعنى.
تعددت الآراء حول تعريف الترادف. منها ما قاله الإمام فخرالدين الرازى: الألفاظ المفردة الدالة على شيئ واحد باعتبار واحد. أما المراد بالألفاظ المفردة هنا ليس من الكلمة وتعريفها، وأما اعتبار واحد هى الكلمتان المتباينتان (إبراهيم الحمد:2005). فالترادف عند الرازي كلمات لها معنى واحد واعتبار واحد ولا يحقق الترادف إلا في الكلمة لا في الجملة.
بناء على هذا التعريف فكلمة "الغصة" بمعنى ما اعترض في الحلق من طعام أوشراب، ليست من الترادف لأن معناها تتضمن أكثر من الكلمة. وكذلك كلمتا "السيف والصارم"، فإنهما وإن دلا على شيئ واحد إلا أن هذه الدلالة باعتبارين، أحدهما على الذات والآخر على الصفة (حماد:1983).  
ومنها ما قاله اللغويون المحدثون: ألفاظ متحدة المعنى، وقابلة للتبادل فيما بينها فى أى سياق (عبد التواب:1999). فاللغويون المحدثون لايشترطون في الترادف اعتبارا واحدا  ولا كون الألفاظ مفردة بل إذا كانت الألفاظ متحدة المعنى مفردة كانت أو جملة تعتبر من الترادف.
على هذا التعريف فكلمة "بعث و أرسل" فى قوله تعالى "بعث فيهم رسولا" (آل عمران : 164)، و "فأرسلنا فيهم رسولا" (المؤمنون : 32) بمعنى واحد، وكذلك كلمة "الجود والسخاء والأريحية والندى والسماحة والكرم والبذل أو كلمة "رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته".
2-          آراء العلماء اللغويين عن الترادف
اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
أ-    العلماء المثبتون للترادف قديما وحديثا مع حجتهم فيها
الأول، العلماء القدماء الذين يثبتون للترادف منهم عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة وبيّن في تأليفه في باب اللفظ للمعاني: "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ... فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف ، وأشباه هذا كثير." فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد مثل ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف، وأبو الحسن الرماني الذي ألف "الألفاظ المترادفة" وقسمه إلى نحو 140 فصلا خصص كل فصل للكلمات ذات معنى واحد مثل السرور والحُبور والجَذَل والغِبْطة والفرح، وابن خالويه الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد 500 اسم وللحية 200، وأنه يحفظ للسيف 50 اسما، ومجد الدين الفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان "الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف" و أنه أثبت للعسل 80 اسماً (حماد:1983).
        والثاني، العلماء المحدثون الذين يثبتون للترادف، منهم علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء، إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف(حماد:1983).
         ويحتج المثبتون في إثبات الترادف بما يلي:
1)  إن لكل لفظةٍ معنى غيرُ معنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أن نقول في ‏"‏لا ريب فيه":‏ "لا شكَّ فيه". وأصحاب اللغة إذا أرادوا أن يفسروا اللبّ قالوا هو العقل ، أو الإنسان هو البشر (محمد داود:2001). فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك واللب بالعقل خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد‏.‏
          فمنكرو الترادف ذهبوا في "الإنسان والبشر" على أنهما ليسا من المترادفات بل من المتباينات التي تتباين بالصفات، فالإنسان موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار أنه يؤنس، والبشر باعتبار أنه بادي البشرة أي الجلد.    
2)  إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكان واحد تأكيداً ومبالغةً كقوله‏:‏ وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا‏:‏ فالنَّأْيُ هو البعد(إبراهيم الحمد:2005).‏
        ولكن السيوطي في المزهر في علوم اللغة يرى على أن بين الترادف والتوكيد فرقا. فإن أحد المترادفين يفيد ما أفاده الآخر كالإنسان والبشر ولا يفيد التقوية، أما التوكيد يفيد الثاني تقوية الأول (السيوطي:1958).  
3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولَـمَّ الشَّعَث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدْع (القاسمي:1991).‏ فالترادف في الجملة كما مر رفضه بعض اللغويين الذين يعتبرون وجود الترادف في الألفاظ المفردة لا في الجملة.
4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد فهي من الترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها (إبراهيم الحمد:2005).

ب- العلماء المنكرون للترادف قديما وحديثا مع حجتهم فيها
الأول، العلماء القدماء الذين ينكرون للترادف، منهم ابن درستويه وقد قال لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد، كما لم يكونا على بناء واحد، إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين ؛ فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعوا العرب تتكلم على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين (السيوطي:1958)، وأبو الحسين أحمد ابن فارس الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى، و أبو علي الفارسي الذي ردّ على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قائلا: لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات"، وأبو هلال العسكري يقول: إن اختلاف العبارات والأسماء يوجب اختلاف المعانى لأن الاسم كلمة تدل على معنى دلالة الإشارة ، وإذا أشير إلى الشيئ مرة واحدة فعرف فالعشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة (سعد محمد: 2002).
فمنكرو الترادف القدماء ينكرون الترادف كاملا كان أو نسبيا، لأن اللفظين المختلفين لا يمكن أن يتفقا أو يشتابها في المعنى، إذا وجد اللفظان المختلفان متشابها المعنى فإنهما من باب المتباينات لا المترادفات.
          الثاني، العلماء المحدثون الذين ينكرون للترادف، منهم بلوم فيلد وقال مادامت الكلمات مختلفة صوتيا فلا بد أن تكون معانيها مختلفة كذلك. لا يوجد ترادف حقيقي، و شورط ورط ودَسوانى الذي ألفا Foundation of Linguistics: لايوجد مترادف كامل فى اللغة، فإذا اختلف لفظان صوتيا فلا بد أن يختلفا دلاليا. ستورك وهو رآى أن كل الكلمات تملك تأثيرا عاطفيا، كما تملك تأثيرا إشاريا، فمن المستحيل أن تجد مترادفات كاملة (القاسمي:1991).
 ويحتج المنكرون الترادف بما يلي : (أنيس: 1992)
1) يقول ثعلب: لا يجوز أن تختلف الألفاظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
- الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
- الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو يحفظ دراهمه ومتاعه.
- الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.
- الفرق بين الغضب والسخط: أن الغضب يكون من الصغير على الكبير ومن الكبير على الصغير، والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير.
2) يقول أبو هلال العسكري: الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
         يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف. هل يعني التشابه التام أو الكامل في كل الأحوال أم هل يعني التشابه النسبي (التشابه أوالتقارب أو التداخل أو التباين أو التوارد) الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى. إذا كان الأول فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين؛ أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني فإننا لن نعدم عددا من الألفاظ التي يمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة، فنعدها من الترادف.
                   والحاصل أن من جعل الألفاظ مترادفة ينظر إلى اتحاد دلالتها على الذات ومن يمنع أن ينظر إلى اختصاص بعضها بمزيد معنى، فهي المترادفة في الذات والمتباينة في الصفات.
3-          تقسيم معني الترادف
انطلاقا من وقوع الاختلافات بين مثبتي الترادف ومنكريه، يميز كثير من المحدثين من الترادف علي نوعين :
أ‌-                الترادف الكامل (التام أو التماثل) . وذلك حين يتطابق اللفظان تمام المطابقة ، ولا يشعر أبناء اللغة بأي فرق بينهما ، ولذا يبادلان بحرية بينهما فى كل السياقات . ويختلف مفهوم الترادف الكامل من لغوي إلى آخر حسب المنهج الذي اتبعه في تعريف المعني ، ومن التعريفات تظهر في الجدول الآتى: (مختارعمر:1998)


الجدول 1 : مفهوم الترادف الكامل
النمرة
أصحاب النظرية
الرأي
1
-
التعبيران يكونان مترادفتين في لغة ما
2
-
الكلمات التى تنتمي إلى نفس النوع الكلام (أسماء-أفعال)
3
التصورية
إذا كان التعبيران يدلان على نفس الفكرة العقلية أو الصورة
4
الإشارية
إذا كان التعبيران يستعملان مع نفس الشيئ بنفس الكيفية
5
السلوكية
إذا كان التعبيران متماثلين عن طريق اتصال كل منهما بنفس المثير والاستجابة
6
التحليلية
إذا كانت الشجرة التفريعية لإحدى الكلمتين تملك نفس التركيب التفريعي للأخرى
7
-
الترادف تضمن من جانبين (أ  D ب)
                       
فالترادف الكامل هو الذي أنكره بعض اللغويين، لأنهم يعتقدون أنه من المحال أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.   
ب‌-        شبه الترادف (التشابه أوالتقارب أو التداخل أو التباين أو التوارد) . وذلك حين يتقارب اللفظان تقاربا شديدا لدرجة يصعب معها –بالنسبة لغير المتخصص- التفريق بينهما ويمكن التمثيل بلفظ "عام" بمعني سنة أو حول .
فشبه الترادف يؤدي إلى ظهور المصطلحات المشبهة بمعنى الترادف تظهر في الجدول الآتي: (مختار عمر:1998)
نمرة
المصطلح
التعريف
المثال
1
التقارب الدلالي
تقارب المعنى ، لكن يختلف كل لفظ عن الآخر
حلم و رأي
2
الاستلزام

قام محمد من فراشه الساعة العاشرة =
كان محمد في فراشه قبل العاشرة مباشرة
3
الجمل المترادفة، تنقسم إلى 3 أقسام:
تملك جملتان نفس المعنى فى اللغة الواحدة
-

أ. التحويلى
تغيير موقع الكلمة فى الجملة
دخل محمد الحجرة ببطء =
ببطء دخل محمد الحجرة =
الحجرة دخلها محمد ببطء

ب.التبديلى اوالعكس
الجملتان مختلفتان تشيران إلى نفس الحادث
اشتريت من محمد... =
باع محمد لى ...

ج.الاندماج المعجمى
التجمع  D  كلمة واحدة
Covered with cement = Cemented ;
to kiss = to touch with the lips
4
الترجمة
التعبيران أو الجملتان متطابقان فى اللغتين / نفس اللغة
اللغة العلمى 3 اللغة الشائعة
شعري  3 نثرى
5
التفسير
كل تفسير ترجمة
ترجمة أ لـ ب ، لتقرب الى فهم أ فى ب

من هنا نعرف أن اللغويين المحدثين إنما ينكرون الترادف الكامل لا الترادف النسبي يعني التشابه أوالتقارب أو التداخل أو التباين أو التوارد، والمنكرون القدماء ينكرون الترادف كاملا كان أو نسبيا.
4-                أسباب وقوع الترادف
ذكر أنيس في إحدى تأليفاته "في اللهجات العربية" (1992) العوامل التي تسبب وقوع الترادف في اللغة.
أ‌-           فُقدان الوصفية
          بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمان تُوسع في استعمالها ففَقَدَت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل: السيف له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة، لكل صفة دلالتها المميزة كالمهنّد "مصنوع في الهند" ومثلة اليماني "مصنوع في اليمن" والمشرفي "معمول في مشرف." والحسام لحدته وسرعة قطعه.
ب‌-        اختلاط اللهجات العربية أى تعدد الأسماء للشيئ الواحد باختلاف اللهجات
 العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشئ الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للأنسان الواحد أكثر من لفظة للشئ الواحد، من ذلك مثلا:
- العصا تسمى فى اليمن الصميل ، وفى مصر تسمى النُّبُوت (إذ النبوت هو الفرع النابت من الشجرة).
- البيت فو ق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
- الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
    ج-  الاقتراض (الاستعارة من اللغات الأعجمية الأجنبية)
اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيرة العربي.
    د-  المجاز
المجازات تعتبر سببا مهما من أسباب حدوث الترادف لأنها تصبح مفردات أخرى بجانب المفردات الأصلية في حقبة من تاريخ اللغة، من ذلك:
- تسمية العسل بالماذية (تشبيها بالشراب السلس الممزوج) والسُّلاف (تشبيها بالخمر)  والثواب (الثواب النحل وأطلق على العسل بتسمية الشيء باسم صانعه)، والصهباء (تشبيها بالخمر) والنحل"العسل" (سمي العسل نحلا باسم صانعه).
- تسمية اللغة لسانا لأن اللسان آلة اللغة.
     ه-  التساهل في الاستعمال
 التساهل في استعمال الكلمة وعدم مراعاة دلالتها الصحيحة يؤدي إلى تداخلها مع بعض الألفاظ في حقلها الدلالي:
- المائدة: في الأصل لايقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خوَان.
- الكأس: إذا كان فيه شراب وإلا فهو قَدَح.
- الكوز: إذا كان له عُرْوَة وإلا فهو كوب.
     و-  التغيير الصوتي
التغييرات الصوتية التي تحدث للكلمات تخلق منها صورا مختلفة تؤدي المعنى نفسه. وهذه التغييرات قد تكون بسبب:
- إبدال حرف بحرف مثل: حُثَالَة dedak وحُفَالة rendah/hina؛ ثُوْم وفُوم؛ هَتَنَت السماء وهَتَلَت (نزل المطر استمرارا) ، حَلَك الغراب وحَنَك الغُراب.
- قلب لغوي بتقديم حرف على آخر، مثل: صاعِقة وصاقِعة؛ طريق طَامِس
(بعيد) وطَاسِم.
5-               موقف المحدثين عن الترادف
        يجمع المحدثون من علماء اللغات على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، بل إن الواقع المشاهد أن كل لغة تشتمل على بعض تلك الكلمات المترادفة. ولكنهم يشترطون شروطا معينة لابد من تحققها حتى يمكن أن يقال إن بين الكلمتين ترادفا.
        إنما الشروط كما قال إبراهيم السيد (1995) هى:
1- الاتفاق فى المعنى بين الكلمتين اتفاقا تاما ، على الأقل فى ذهن الكثرة الغالبة ، لأفراد البيئة الواحدة. فإذا تبين لنا بدليل قوي أن العربي كان حقا يفهم من كلمة "جلس" شيئا لايستفيده من كلمة "قعد" قلنا حينئذ ليس بينهما ترادف.  
2- الاتحاد فى البيئة اللغوية بحيث تنتمى الكلمتان إلى لهجة واحدة، أو مجموعة منسجمة من اللهجات. فالترادف بمعناه الدقيق هو أن يكون للرجل الواحد في البيئة الواحدة، الحرية في استعمال كلمتين أو أكثر في معنى واحد.
3-  الاتحاد فى العصر بحيث يكون استعمال الكلمتين فى عصر واحد بمعنى واحد. فالمحدثون حين ينظرون إلى المترادفات ينظرون إليها في عهد خاص وزمن معين وتلك هي النظرة التي يعبرون عنها بكلمة syncronic ، لا تلك النظرة التاريخية    التي نتبع الكلمات المستعملة في عصور مختلفة، هي التي يسمونها diacronic .
4-   ألاّ يكون أحد اللفظين تطورا صوتيا، للفظ الآخر ، مثل:
  - الجَثِيل(rambut/tumbuh2an yg lebat)  
- الجَفيل (ranting/dahan yang ditebas agar tidak terlalu rimbun)

6-          فوائد الترادف
ذكر السيوطى (1958) أن من فوائد الترادف مايأتى:
1-      أن تكثر الوسائل – أى الطرق – إلى الإخبار عما فى النفس ، إنه ربما نسى أحد اللفظين أو عسر عليه النطق به.
2-      التوسع فى سلوك طرق الفصاحة ، وأساليب البلاغة فى النظم والنثر(مختار عمر:  ).
7-          تذوق الترادف في الألفاظ من القرآن الكريم
إن انتقاء الألفاظ في القرآن الكريم تم بعناية تامة لما له من أهمية في توصيل رسالة الله في آية أو آيات، وهذا يظهر بوضوح في استعمال لفظة دون غيرها ، فقد تبدو للوهلة الأولى إن لها نفس المعنى فلا يكاد اللغوي يفرق بينهما فضلاً عن القاريئ العادي.
وكما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الترادف في القرآن قليل نادر أو معدوم، يقول في اللغة قليل وفي القرآن نادر أو معدوم، والصواب أنه معدوم لا يوجد كلمة في القرآن تساوي الكلمة الأخرى بجميع معانيها؛ بل يكون تفسيرها تقريبا لها، وهذا التقريب قد يكون فيه تنازع من جهة المفسرين؛ لأن كل واحد يقرّب المعنى ببعضه (أنيس:1992).
الجدول 2 :القاعدة في الألفاظ من القرآن الكريم التي يظن بها الترادف وليست منه (السيوطي:1958)
النمرة
الألفاظ
في الآية من السورة
المقارنة بينهما
1
الخوف والخشية
«ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب» ... الآية (الرعد: 21) 
الخشية أعلى من الخوف وهي أشد منه
ويضاد الخوف: الأمن ويستعمل ذلك في الأمور الدنيوية والأخروية.
والخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
2
السبيل والطريق
«الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ» ... الآية (النساء :76)
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا» ...الآية (النساء: 169)
السبيل أغلب وقوعا في الخير ولا يكاد اسم الطريق يراد به الخير إلا مقرونا بوصف أو إضافة تخلصه .
3
جاء وأتى
«وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» ...الآية (الفجر: 22)
«أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ» ... الآية  (النحل :1)
جاء يقال في الجواهر والأعيان وأتى في المعاني والأزمان والإتيان مجيء بسهولة فهو أخص من مطلق المجيء
4
عمل وفعل
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ» ... الآية (يس: 71)
«كيف فعل ربك بأصحاب الفيل» ... الآية 1(الفيل:1)
عمل لما كان من امتداد زمان وفعل ليس له امتداد زمان . مما عملت أيدينا لأن خلق الأنعام والثمار والزروع بامتداد . كيف فعل... لأنها إهلاكات وقعت من غير بطء
5
التمام والكمال
«اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا» ... الآية  (المائدة:3)
الإتمام لإزالة نقصان الأصل والإكمال لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل .
6
الإعطاء والإيتاء
«إنا أعطيناك الكوثر» ... الآية  (الكوثر:1)
«يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ» ... الآية (البقرة:269)
إن الإيتاء أقوى من الإعطاء
7
السنة والعام
«وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ» ... الآية (البقرة:96)
«فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ» ...الآية  (البقرة:259)
استعمال السنة في الحول الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام ما فيه الرخاء والخصب .

          وإذا لاحظنا تقسيم معنى القرآن  في الجدول السابق عرفنا أن الترادف الكامل لايوجد في القرآن إنما بعض الألفاظ فيه يدخل في باب شبه الترادف.
الخلاصة
  كان الترادف من نوع التوسع اللغوي وجرى الخلاف بين اللغويين كون الترادف أو عدمه في اللغة، فمنهم من ينكرونه ومنهم من يثبتونه. واختلف أيضا المثبتون في وضع تعريف الترادف.  ولكن المثبتين اتفقوا على أن الترادف لفظان أو أكثر على معنى واحد أي كلمات اختلفت لفظا واتفقت معنى إنما يختلفون في وقوعه في الكلمة أو في الجملة ويختلفون أيضا في الترادف الكامل والترادف النسبي الذي يعتبره اللغويون المتباينات. 
يرجع الاختلاف بين العلماء- قديمهم وحديثهم- على إثبات الظاهرة أو إنكارها إلى سببين، أولا، خلافهم حول تحديد تعريف الترادف بين الترادف التام و غير التام . فمنهم من اتبع المنهج التاريخي ، فأنكروا عرض الترادف التام ومنهم من اتبع المنهج الوصفى فأثبت وأيد الترادف بمعني التشابه أوالتقارب أو التداخل أو التباين أو التوارد .
والترادف التام لا يوجد في القرآن ولا في اللغة، أو إن وجد عند بعض المحققين من بعض العلم فإنه نادر؛ يعني أن هذا اللفظ يساوي هذا اللفظ من كل جهاته، يساويه في المعنى من كل جهاته.

قائمة المصادر والمراجع
المصدر
القرآن الكريم، سورابايا، سينر علم، 2003م.
المراجع
                إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، القاهرة،  مكتبة الأنجلو المصرية، 1992م.
      أحمد عبد الرحمن حماد، عوامل التطور اللغوي، لبنان، دار الأندلس، 1983م.
أحمد مختار عمر ، علم الدلالة ، القاهرة ، مكتبة مصرية، 1998 م.
رمضان عبد التواب، فصول فى فقه العربية، القاهرة، دار صفاء، 1999 م.
السيوطي، المزهر في اللغة وأنواعها، القاهرة، مكتبة مصرية،  1958م.
صبري إبراهيم السيد، علم الدلالة إطار جديد، اسكندرية، دار المعرفة الجامعة، 1995م.
عبد الحليم محمد عبد الحليم، شذرات من فقه اللغة والأصوات، القاهرة، مطبعة الحسين الإسلامية، 1989م.
علي القاسمي، علم اللغة وصناعة المعجم، سعودية، جامعة الملك سعود، 1992م.
فريد عوض حيدر ، علم الدلالة : دراسة نظرية وتطبيقية، القاهرة ، دار صفاء،  1999 م.
محمد محمد داوود ، العربية وعلم اللغة الحديث، القاهرة ، 2001 م.
محمد بن إبراهيم الحمد ، فقه اللغة، الرياض، مكتبة مصرية، 2005 م.
محمد سعد محمد ، فى علم الدلالة، لبنان، زهراء الشرف ، 2002 م.



2 thoughts on “الفكرة في التوسع الترادفي”

  1. salam kak. kak bolehkah saya minta file asli dari tulisan ini. jika berkenan kirimkan ke email saya hayyunhermanto9258@gmail.com. saya sedang menulis tesis dan salah buku yang saya cari tidak ada dalam bentuk pdf. maka saya ingin mengutip langsung dari artikel ini. mohon bantuan dan terima kasih

Leave a Reply